خلال تصفيات نهائيات كأس العالم FIFA قطر 2022 فاجأت سويسرا المتتبعين في العالم كله بخطفها تذكرة التأهل المباشر
شهد تاريخ التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم مفاجآت كبرى عديدة حققتها منتخبات بعدما خالفت كل التوقعات.
نسلط الضوء فيما يلي على منتخبات تمكنت من قلب الموازين وإبهار العالم أجمع.
وصلت التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم FIFA قطر 2022 مرحلتها الأخيرة والحاسمة. فقبيل موعد قرعة المجموعة التي ستقام في 1 أبريل/نيسان بالعاصمة القطرية الدوحة، ستشهد جميع الاتحادات القارية في الفترة بين 17 و31 مارس/آذار إجراء مواجهات مصيرية في السباق لضمان المشاركة في العرس العالمي.
وقد تعلمنا من تاريخ كرة القدم العالمية أن التصفيات المؤهلة إلى أم البطولات لا تخلو أبداً من المفاجآت. على عكس ما كان يتوقع العديد من خبراء الساحرة المستديرة، خطفت سويسرا تذكرة التأهل المباشر لترغم إيطاليا على خوض دور نصف النهائي ضمن الملحق الأوروبي الحاسم.
فبعد اكتفائه بالتعادل في الجولتين الأخيرتين أمام كل من سويسرا وأيرلندا الشمالية تنازل بطل أوروبا الحالي عن الصدارة مهدراً في الوقت نفسه فرصة التأهل المباشر إلى بطولة قطر 2022. وفي المقابل، تمكن المنتخب السويسري بعد انتصاره برباعية نظيفة على بلغاريا من ضمان مشاركته في العرس العالمي للمرة الخامسة على التوالي.
والآن يترقب أنصار الأزوري بتخوف وقلق مواجهة مقدونيا الشمالية في دور الملحق يوم الخميس المقبل، فالخسارة في هذا النزال الحاسم قد تكون بمثابة الصدمة الكبرى لإيطاليا بأكملها.
ولهذا نلقي الضوء اليوم على ست نزالات تاريخية ضمن تصفيات كأس العالم جاءت نتائجها مخالفة لكل التوقعات.
الاتحاد الآسيوي – دفاع كوريا الشمالية الحصين
قبل بدء التصفيات المؤهلة إلى دورة جنوب أفريقيا 2022 كانت السعودية تملك في رصيدها أربع مشاركات في العرس العالمي، وكان يعتقد الجميع أن الطريق سيكون سالكاً لضمان مشاركتها الخامسة عندما ستواجه منتخب كوريا الشمالية المغمور.
كان يتعين على الصقور الخضر تحقيق ثلاث نقاط من مباراتهم الأخيرة ضمن المجموعة الثالثة، والتي أقيمت في 17 يونيو/حزيران 2009 في العاصمة السعودية الرياض، بينما التعادل كان كافياً للفريق الخصم ليضمن تذكرة التأهل خاصة بعد فوزه في مباراة الذهاب.
بقيادة نجميه ياسر القحطاني ونايف الهزازي بادر الفريق المضيف بالهجوم وخلق العديد من الفرص السانحة، لكنه كان يصطدم في كل مرة ببراعة الحارس الكوري الشمالي ري ميونج جوك.
وقبل دقيقة من إعلان نهاية المباراة تعرض المنتخب الكوري الشمالي لاختبار صعب أخير بعد طرد لاعبه كيم يونج جون لنيله البطاقة الحمراء، لكن وبالرغم من ذلك بقي الدفاع الكوري الشمالي متماسكاً حتى صافرة النهاية. وبانتزاعه نقطة التعادل الثمينة نجح منتخب كوريا الشمالية لأول مرة بعد 44 سنة في ضمان التأهل إلى بطولة كأس العالم FIFA..
الاتحاد الإفريقي لكرة القدم – توجو تتفوق في سباق محموم
شهد عالم كرة القدم مفاجأة أخرى في أكتوبر/تشرين الأول 2005 عندما استطاعت توجو بفوزها على الكونجو أن تتأهل للمرة الأولى في تاريخها إلى بطولة كأس العالم FIFA، وذلك بالرغم من أنها نافست الفريق السنغالي الذي كان قد تمكن من بلوغ دور الثمانية في نسخة 2002.
لكن هذا الإنجاز الباهر تحقق أساساً بفضل الحصيلة الجيدة التي حصدها المنتخب التوجولي من مواجهتيه المباشرتين ضد السنغال، حيث تمكن من التفوق بنتيجة 3:1 في العاصمة التوجولية لومي قبل أن يخطف التعادل من داكار.
وبتفوقها إجمالاً في صدامه المزدوج أمام السنغال أنهت توجو مشوارها في التصفيات في مركز الصدارة برصيد 23 نقطة وبفارق نقطتين على مطاردها المباشر لتتمكن بذلك من حجز تذكرتها إلى ألمانيا للمشاركة في نسخة 2006.
اتحاد أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي – بنما تحلق نحو روسيا
لم يكن أحد يتوقع هذا التأهل المبهر، ففي 11 أكتوير/تشرين الأول تأكد عبور كتيبة الكاناليروس إلى بطولة روسيا 2018 لتوقع لاحقا على أول ظهور لها على الإطلاق في النهائيات العالمية.
مما زاد من روعة هذا النجاح العظيم كونه تحقق في ظروف دراماتيكية، فبعد تلقيه هزيمة كبيرة على يد أمريكا برباعية بيضاء، لم يبدأ المنتخب البنمي مباراته الحاسمة أمام كوستاريكا بشكل جيد حيث تأخر في النتيجة بهدف دون رد في الشوط الأول.
لكنه سرعان ما تدارك الوضع في الشوط الثاني ونجح قبل دقيقتين من صافرة نهاية المباراة في تعديل النتيجة عن طريق هدف رومان توريس الذي أصبح ليس فقط بطل المباراة بل بطلا لبلد بأكمله.
وبتسجيله هدف التأهل الغالي من تسديدة هوائية رائعة أطلق العنان لاحتفالات هستيرية في بنما. وعلى إثر هذا الفوز العظيم أعلن رئيس البلاد اليوم التالي يوم عطلة رسمية ليتمكن موظفو القطاعين الخاص والعام إلى جانب طلاب المدارس من الخروج إلى الشوارع والاحتفال بهذا الإنجاز التاريخي.
لكن وكما يقول المثل: "مصائب قوم عند قوم فوائد" فشل المنتخب الأمريكي لأول مرة بعد 32 سنة من التأهل إلى بطولة كأس العالم FIFA ، وهو ما شكل مفاجأة تاريخية في تصفيات كأس العالم لمنطقة أمريكا الشمالية والوسط والكاريبي.
“تعيش بنما حاليا شعورا بالسعادة لم تعهده من قبل. رومان توريس سجل الهدف الذي ضمن تأهل بنما إلى بطولة العالم، وهذا سيظل راسخا في الذاكرة إلى الأبد". رومان توريس
اتحاد أمريكا الجنوبية – كل شيء أو لا شيء
كما دخلت التاريخ أيضا تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم مكسيكو 1970 FIFA التي كانت تجرى سابقا بثلاث مجموعات. فقد كانت أول وآخر بطولة عالمية فشلت الأرجنتين في التأهل إليها.
وبوجودها في المجموعة الأولى إلى جانب بوليفيا وبيرو كانت تعتبر بلا شك المرشحة الأولى للتربع على الصدارة. بينما كان المنتخب الأرجنتيني يسعى للتأهل للمرة السادسة إلى النهائيات العالمية، لم تكن بوليفيا تملك في رصيدها سوى مشاركتين في بطولة كأس العالم، وبيرو مشاركة وحيدة فقط.
لكن الأمور جرت على خلاف ما كانت تتوقعه الأرجنتين. فمن أصل ثلاث مباريات حققت فوزا واحدا فقط، وبالتالي تحتم عليها الفوز في مباراتها الأخيرة ضد بيرو منافستها المباشرة على تذكرة التأهل إلى النهائيات العالمية. وفي المقابل، كانت كتيبة لابلانكي روخا بقيادة لاعب الوسط الهجومي تيوفيلو كوبياس قد وقعت على انتصارين وكان يكفيها التعادل لضمان التأهل.
وخلال النزال المنتظر الذي أقيم في 31 أغسطس/آب 1969 عجزت كتيبة الألبيسيليستي عن تحقيق النصر. وبتعادلها بنتيجة 2:2 واكتفائها بنقطة وحيدة ضمنت بيرو تأهلها إلى دورة مكسيكو 1970، ليكتب كوبياس وزملاؤه أسماءهم بأحرف من ذهب في تاريخ وطنهم الكروي.
ونتطلع الآن بشوق كبير إلى المباريات الحاسمة المقبلة لنكتشف المفاجآت الأخرى التي ستفرزها التصفيات الحالية.
الاتحاد الأوروبي لكرة القدم – صدمة الإنجليز التاريخية
وفي أوروبا عاش منتخب الأسود الثلاثة خلال التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم ألمانيا 1974 FIFA أكبر صدمة له في تاريخه الكروي.
بعدما توج بقيادة المدرب السير آلف رامسي بالكأس العالمية على أرضه وأمام جماهيره في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1966، تلقى صدمة موجعة عند فشله في تحقيق التأهل إلى العرس العالمي في 17 أكتوبر/تشرين الأول.
لكن ماذا حدث بالتحديد؟ لم يكن أمام الإنجليز خيار آخر غير تحقيق الفوز على أرضهم أمام بولندا، ورغم خطر الإقالة الذي كان يهدد مدربهم السير ألف رامسي إلا أنهم كانوا واثقين من قدرتهم على الفوز بالنقاط الثلاث.
وقبيل المباراة سخر المدرب الإنجليزي الأسطورة بريان كلاف من حارس المرمى البولندي عندما نعته "ببهلوان سيرك يرتدي قفازين" لكونه كان يلعب مرتديا قميصا أصفر وسروالا أحمر وجوارب بيضاء، لكن الاستهانة بالخصم سيدفع المنتخب الإنجليزي ثمنها غاليا. فقد تمكن "بهلوان السيرك" يان توماشيفسكي من الحفاظ على نظافة شباكه رغم السيطرة الإنجليزية على مجريات المباراة.
وبعدها نجح الفريق البولندي في التقدم بالنتيجة بفضل هدف يان دومارسكي في الدقيقة 55، قبل أن تعدل إنجلترا النتيجة عن طريق ركلة جزاء، لكنها اكتفت في نهاية المطاف بنتيجة التعادل لتتجرع بذلك مرارة الإقصاء. وقد كشفت إحصائيات المباراة عن 35 تسديدة على المرمى لفائدة الإنجليز مقابل تسديدتين فقط لبولندا، وهذا يعني أن "البهلوان" كان نجم المباراة بدون منازع.
“أتذكر جيدا الكلمات الأخيرة التي قالها مدربنا كازيميرز جورسكي قبل المباراة. قال: 'قد تلعب كرة القدم لمدة 20 عاما وتحمل قميص المنتخب الوطني آلاف المرات فلن يتذكرك أحد. لكن اليوم مساء، في هذه المباراة لديك الفرصة لتسجل اسمك في كتب التاريخ'. وقد كان على حق. لم أقدم بالتأكيد أفضل أداء لي، وكنت محظوظا عدة مرات خلال المباراة" يان توماشيفسكي