شهد هذا الأسبوع إطلاق الاتحاد الأسترالي لكرة القدم، بالتشاور مع قسم FIFA المعني بالجانب الفني، مخطط تطوير المواهب الخاص بكرة القدم الأسترالية، مع تركيز خاص على خطة شاملة ومتعددة الجوانب لاكتشاف المواهب وصقلها.

وقد تم وضع تفاصيل هذا المشروع الرائد مع الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من العوامل ذات الصلة التي لا تقتصر على الانتشار الجغرافي الواسع لسكان البلاد، بل تشمل التوصل إلى توازن مناسب بين أعداد اللاعبين واللاعبات. يُذكر أنه تم إطلاق مخطط تطوير المواهب بشكل تجريبي سابقاً، وسيتم تطبيقه الآن بشكل كامل على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

وقد أتى الإعلان عن المشروع في مقر المنتخب الأسترالي للسيدات في ملبورن تزامناً مع مرور ستة أشهر على إقامة المباراة النهائية لكأس العالم للسيدات FIFA™، وانسجاماً مع هدف الاتحاد الأسترالي فيما يتعلق بإرث البطولة، والمتمثل بتطوير الأداء العالي في كرة قدم السيدات. وبهذه المناسبة، قال المدير التنفيذي للاتحاد الأسترالي لكرة القدم جيمس جونسون: "إطلاق الاتحاد الوطني لمخطط تطوير المواهب وتنفيذه خلال الفترة المقبلة إنما يؤكد على انسجامنا مع معايير FIFA على الصعيد العالمي في مجال تطوير المواهب، ويشير إلى مساعينا بالتميّز على الساحة العالمية".

“انطلق مخطط FIFA لتطوير المواهب عام 2020 بإشراف أرسين فينغر، مدير قسم FIFA المعني بتطوير كرة القدم حول العالم، ويهدف المخطط إلى تقديم العون للاتحادات الوطنية من أجل تحقيق أفضل إمكانياتها من خلال الحرص على حصول كل لاعب موهوب على فرصة ليتم اكتشاف وتطوير موهبته. وانطلاقاً من رغبة FIFA بالالتزام بصقل المواهب حول العالم على المدى الطويل، سيكون من شأن مخطط تطوير المواهب الارتقاء بمستوى المنتخبات حول العالم في فئتي الرجال والسيدات.

وقد بدأنا نشهد بالفعل ثمار جهود FIFA هذه وتركيزه على تطوير كرة القدم في أرجاء العالم، إذ وصف رئيس FIFA جاني إنفانتينو نسخة العام الماضي من كأس العالم للسيدات بأنها "نقطة تحوّل حقيقية" نظراً لما حققته من نجاح سواء خارج الملعب، والتطور السريع على المستطيل الأخضر لكرة قدم السيدات. كما أظهرت بطولة كأس الأمم الآسيوية التي اختتمت منافساتها مؤخراً، تأهل منتخب رجال أستراليا للدور رُبع النهائي، وهو ما يُسلّط الضوء على النهضة السريعة لكرة القدم الأسترالية في أكبر قارات العالم.

وكان مسؤولو FIFA المعنيون بتحليل البيئة الكروية قد قدّموا نصائح لاتحاد كرة القدم الأسترالي بخصوص رؤيته للتطوير، وشملت هذه النصائح مواضيع اكتشاف المواهب وصقلها، والكفاءة في إدارة البيانات، وتحسين أنظمة تتبُّع اللاعبين، وتحقيق أقصى مستوى استفادة من اكتشاف المواهب في المناطق الريفية.

وانطلاقاً من مركزها كمتخصصة لدى FIFA في مجال الأداء العالي، قالت أبريل هاينريشس: "مشروع اكتشاف المواهب الذي يقوم به الاتحاد الأسترالي لكرة القدم في إطار مخطط تطوير المواهب هو بمثابة مبادرة مبتكَرة لاكتشاف المواهب الصاعدة في أرجاء أستراليا ولفئتي الفتيان والفتيات. وكانت هاينريشس قد حققت نجاحات كروية لافتة خلال مسيرتها الكروية، إذ حصدت لقب كأس العالم للسيدات كلاعبة عام 1991، ونالت الميدالية الأولمبية الذهبية كمدربة عام 2004.

“وأردفت قائلة: "سيُحفّز هذا المشروع نقاشاً على المستوى الوطني عن مستوى لاعبي ولاعبات منتخبات البلاد في كافة الفئات العمرية الشابة. المقاربة التي تبناها الاتحاد الأسترالي للعبة فريدة من نوعها، إذ تمتاز بالشمولية من كافة النواحي، وتقوم على تتبُّع أفضل المواهب، واستقطاب المزيد من المدربين والمدربات.

يسعى مخطط تطوير المواهب الذي يعمل عليه الاتحاد الأسترالي لكرة القدم إلى اكتشاف المواهب لدى الفتيان والفتيات وربطهم بمنتخبات فئات الشباب مباشرة. ففي نفس اليوم الذي شهد الإطلاق الرسمي للمشروع، تم اختيار لاعبة شابة للانضمام إلى معسكر كروي لمنتخب تحت 17 سنة لتكون لاعبة بديلة، وبذلك تكون قد استفادت من هذه الفرصة نتيجة إصابة اللاعبة الأصلية، وقد تبيّن أنها واحدة من أصغر اللاعبات على الإطلاق اللواتي يخضن مباراة في إطار مخطط تطوير المواهب، وستشارك الآن في أول معسكر لها مع المنتخب".

تكتسب جهود اكتشاف المواهب أهمية في أستراليا أكثر من دول أخرى نظراً لكون جزء كبير من سكان البلاد موزعين على منطقة جغرافية واسعة، وغالباً ما يكونوا بعيدين عن عواصم الولايات والمدن الرئيسية. وعن ذلك قال إرني ميريك، كبير المسؤولين الكرويين في الاتحاد الأسترالي لكرة القدم: "عادة ما كان اللاعبون المختارون للانضمام إلى منتخبات الشباب يقيمون في المناطق الحضرية الرئيسية، حيث كانوا منخرطين في الدوري أو برامج الاتحادات المحلية. ونتيجة لهذه المقاربة، غالباً ما كانت الفرص محدودة بأن تكتشف الكوادر الفنية للمنتخبات أولئك اللاعبين المتواجدين في المناطق الأبعد أو غير المنطوين في إطار مسار كروي لنخبة الفرق في البلاد".

يُذكر أن ميريك يتمتع بخبرة تدريبية كبيرة تشمل الأكاديمية الكروية الحكومية ومنتخبات الشباب، وصولاً إلى الإشراف على النادي الفائز بالدوري الأسترالي، ملبورن فيكتوري. وأردف قائلاً: "حرصاً منا على تحقيق منتخبات الشباب والكبار النجاح على المستويين الآسيوي والعالمي، من المهم للغاية أن نكتشف ونطور مواهب أفضل اللاعبين من كافة أرجاء أستراليا، دون التفريط بأي موهبة".

“يُنظر إلى التحديات الجغرافية باعتبارها مجرّد عقبة واحدة من عدة عقبات تواجه كرة القدم في أستراليا، فهذه الدولة الشغوفة بالرياضة تشهد إقامة مجموعة كبيرة من المسابقات الرياضية، بحيث أن منطقة سيدني وحدها تضمّ أكثر من عشرين نادياً لرياضات متنوعة، وتتنافس كافة هذه الأندية على رياضيي النخبة. كما ارتفعت أعداد اللاعبات بنسبة 30 في المئة في أكبر ولايات البلاد، نيو ساوث ويلز، وهو ما يزيد من حجم التحديات في مجال اكتشاف المواهب.

وفي إطار مساعيها لاكتشاف المواهب، تمثل إدارة بيانات اللاعبين واللاعبات إحدى الأدوات التي يستخدمها الاتحاد الأسترالي لكرة القدم. وبفضل مبادرة Talent ID Webform، سيصبح بإمكان المدربين والمدربات من أصحاب التراخيص إرسال تقييمهم الفني بخصوص اللاعبين واللاعبات في مباريات مستوى الأندية والمباريات المقامة على المستوى الوطني لاكتشاف المواهب، هذا بالإضافة لتنظيم الاتحاد الوطني لمباريات في إطار مخطط تطوير المواهب بشكل منتظم وفي كافة الولايات ومناطق البلاد.

من جهته، قال ستيفن مارتنز، مدير قسم FIFA المعني بتطوير كرة القدم العالمية: "المقاربة التي يتبناها اتحاد كرة القدم الأسترالي لدمج خبرة FIFA الفنية في سبيل وضع استراتيجية لمخطط تطوير المواهب تُظهر التزامنا المشترك للنهوض بالجيل المقبل من المواهب الكروية الأسترالية. من خلال توسيع نطاق العمل ليشمل المناطق الريفية، نسعى لمنح فرصة لاكتشاف كل موهبة صاعدة بغض النظر عن مكانها جغرافياً، وتقديم الدعم لها من خلال مخطط FIFA لتطوير المواهب". أما راي داور، المديرة الفنية لاتحاد كرة القدم الأسترالي ومدربة منتخب شابات أستراليا، فتعرب عن قناعتها بأن مخطط تطوير المواهب يأتي في وقت مثالي إثر التنظيم الناجح لكأس العالم للسيدات FIFA 2023™ مع نيوزيلندا. وقالت داور التي شاركت في النسخة الأولى التي أقامها FIFA من برنامج إعداد المدربات، وساهمت في برنامج FIFA لإعداد مدربي المدربين في أستراليا قبل عامين: "