الخميس 24 يونيو 2021, 13:59

ماكسي رودريجيز: "ذلك الهدف طبع مسيرتي إلى الأبد"

  • يحتفل النجم الأرجنتيني اليوم بالذكرى الخامسة عشرة لهدفه ضد المكسيك في ألمانيا 2006

  • قاد الهدف الألبيسليستي إلى دور الثمانية واختير بعد ذلك أفضل هدف في البطولة

  • يستحضر ماكسي ذكريات تلك اللحظة متحدثاً عن إنجاز آخر له مع منتخب بلاده

إذا ما استعرضنا قائمة الأهداف التي تفاعلت معها الجماهير الأرجنتينية بأكبر قدر من الحماس في نهائيات كأس العالم FIFA خلال هذا القرن، فلا شك أنها ستشمل هدف ماكسيميليانو رودريجيز ضد المكسيك في ثمن نهائي ألمانيا 2006. فبينما كان التعادل سيد الموقف (1-1)، أطلق رودريجيز قذيفة يسارية في الشوط الإضافي الأول، ليمنح فريق خوسيه بيكرمان بطاقة العبور إلى ربع النهائي، بينما نال عليها لاعب الوسط المخضرم جائزة أفضل هدف في البطولة، وهي الجائزة التي مُنحت للمرة الأولى في تاريخ العرس العالمي. وفي حديث خص به موقع FIFA.com، قال رودريجيز بابتسامة عريضة على وجهه: "ذلك الهدف لم يغيرني كشخص، لكنه طبع مسيرتي إلى الأبد، حيث يُذكرني به الناس أينما حللت وارتحلت. نحلم جميعاً بتسجيل هدف يمنح الفوز للأرجنتين وتذكرة التأهل إلى الدور التالي. وقد كان من الرائع جداً تحقيق ذلك الحلم." خلف الثانيتين اللتين استغرقتهما الكرة لتنتقل من صدر ماكسي إلى المرمى المكسيكي، هناك تفاصيل وجزئيات تقتضي الضرورة أن نستحضرها اليوم، الذي يصادف 24 يونيو/حزيران، الذكرى الخامسة عشرة لتسجيل تلك التحفة الفنية.

وفي هذا الصدد، يعلّق النجم الأرجنتيني البالغ من العمر 40 عاماً، والذي سجل في تلك النسخة من كأس العالم 3 من أهدافه الدولية الـ15: "أتذكّر كل لحظة من تلك اللحظات كما لو حدثت اليوم. عندما تلقى سورين الكرة على اليسار، انتقلت أنا مسرعاً على الجهة اليمنى مطالباً بإرسالها لي. لم يكن خوانبي من الذين يتقنون التمرير بسرعة نحو الطرف المقابل، لكني طلبتها بإلحاح إلى أن استجاب لطلبي...وانتهت الهجمة على النحو الأمثل!" وتابع بنبرة تبعث على الحنين والتأّثر: "عندما رأيتها قادمة إلي، قررت أن أنزلها بصدري إلى قدمي اليمنى التي أسدد بها عادة. لكنني لاحظت أن مدافعاً يقف أمامي، فقمت بحصرها ومن ثم تسديدها باليسرى. وبمجرد أن فارقت قدمي، أدركت أنها تسديدة من الصعب صدها. رأيت مسارها بالكامل، وعندما سقطت خلف حارس المرمى، كدت أصاب بالجنون!" بدوره، قال حامي العرين المكسيكي في تلك المباراة، أوزوالدو سانشيز، إنه لو لم يكن هناك مدافع يحجب عنه الرؤية، لكان قد تراجع خطوتين إلى الخلف وتمكّن من صد الكرة. أما جونزالو بينيدا، الظهير الذي فطن لنية ماكسي الأولية، فإنه ما زال لا يُصدّق أنه سددها باليسرى، بينما لا يزال ريكاردو لافولبي، مدرب المنتخب المكسيكي في ذلك اليوم، يُلقي باللوم على بينيدا "لعدم تقدمه للضغط على لاعب يستقبل تمريرة من مسافة 30 متراً." وأوضح رودريجيز، مدافعاً عن منافسيه المكسيكيين "تربطني علاقة جيدة مع سانشيز، ودائماً ما يقول لي مازحاً ’يا لك من وغد، كنت أظن أنك تستخدم قدمك اليسرى فقط لركوب الحافلة!‘ لا أعتقد أن ذلك كان خطأ أحد، فأنا لم أسجل مثل ذلك الهدف باليسرى من قبل. إنها أهداف خارجة عن المألوف. حتى ذلك الحين، كانت مباراة متكافئة للغاية." بعد تلك المباراة، خرجت الأرجنتين من دور الثمانية على إثر خسارتها أمام ألمانيا بركلات الترجيح، التي تمكّن فيها ماكسي من التسجيل. ولا يزال لاعب الوسط المخضرم يتحسر على تلك الهزيمة، حيث أوضح بنبرة متأثرة: "كان لدينا فريق رائع وكانت صفوفنا متكاملة. كان علينا هزم الألمان في ذلك اللقاء. لكن الأداء الجيد لا يكفي في بعض الأحيان. فأنت بحاجة إلى نصيب من الحظ. وهذا ما افتقدناه في ركلات الترجيح."

Oswaldo Sanchez of Mexico dives in vain as Maxi Rodriguez of Argentina scores

لكن ذلك الإقصاء لم يكن ليحرم ماكسي من جائزة أفضل هدف في نهائيات ألمانيا 2006. وبعد تلك النسخة، واصل النجم الأرجنتيني مسيرته بشكل طبيعي، حيث أوضح في هذا الشأن: "كنت حينها ألعب بنادي أتلتيكو مدريد، تحت إدارة المدرب المكسيكي خافيير أجيري، الذي كاد يصيبني بالجنون من كثرة تعليقاته على ذلك الهدف. كما أننا ذهبنا إلى المكسيك لخوض تحضيراتنا للموسم، لكنهم عاملوني جيداً. إنه بلد أكثر من رائع." على مدى سنوات، احتفظ رودريجيز فقط بالحذاء والقميص اللذين خاض بهما تلك المباراة التاريخية ضد المكسيك، لكنه حصل على تحفة أغلى في 2016: الكرة التي سجل بها هدفه الخرافي، حيث أهداه إياها زميله أوسكار أوستاري، الحارس الثالث لمنتخب الأرجنتين في نهائيات ألمانيا 2006. ويتذكّر ماكسي تلك المفاجأة السارة بموجة من العواطف: "انقض عليها أوسكار بمجرد انتهاء المباراة، وكان دائماً يخبرني أنها في حوزته، حيث كان يرسل لي صوراً...نحن صديقان حميمان جداً. في أحد الأيام، بمناسبة عيد ميلادي، جاء إلي وقال ’إنها ملك لك الآن.‘ لقد كانت لفتة رائعة."

ركلة الترجيح الحاسمة في نصف نهائي البرازيل 2014 عاد رودريجيز ليشارك في كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 FIFA تحت إمرة دييجو مارادونا، ثم في البرازيل 2014 مع المدرب أليخاندرو سابيلا. وهناك في بلاد السامبا، وضعته الأقدار مرة أخرى أمام لحظة مصيرية في نصف النهائي ضد هولندا، حيث سجل الركلة الترجيحية التي منحت الألبيسليستي تذكرة التأهل للنهائي، بعدما ساد التعادل السلبي طيلة 120 دقيقة. وعلق ماكسي قائلاً: "لكم أن تتخيلوا كم مرة خطرت في بالي فكرة القدر المحتوم...منذ اللحظة التي بدأت فيها السير من دائرة المنتصف حتى وصولي إلى نقطة الجزاء. لقد كانت تلك الثواني أصعب من لحظة تسديد الركلة الترجيحية. ففي الهدف الذي سجلته ضد المكسيك لم يكن لدي الوقت للتفكير في العواقب. فقد سددت للتو. أما عند تسديد الركلة الترجيحية، فقد فكرت مراراً في ما سيحدث لو سددت هناك أو سددت هنا، وما سيحدث لو أضعتها. لحظة اتخاذ القرار كانت أصعب شيء عشته على ملاعب كرة القدم." وعندما عبرت الكرة خط المرمى، اعترف رودريجيز بأنه شعر "بالانشراح أولاً، ثم بعده بانفجار عاطفي اختلط فيه الفرح بالابتهاج، لكل ما تنطوي عليه تلك اللحظة من دلالات."

صحيح أن ماكسي لم يشارك في النهائي ضد ألمانيا، لكنه تأثّر بالهزيمة أشد تأثر، شأنه شأن بقية زملائه: "في تلك المرة، افتقدنا للفعالية أمام المرمى، لأن الحظ لا يأتي اعتباطاً بل عليك أن تبحث عنه. لم أشاهد أبداً تلك المباراة مرة أخرى، لقد كانت واحدة من أصعب الانتكاسات في مسيرتي." بعد نهائي ماراكانا، تم استدعاء رودريجيز للفريق الوطني في بعض المناسبات، لكنه لم يلعب أية مباراة مع الألبيسليستي منذ ذلك الحين، إلى أن اعتزل بشكل رسمي اللعب دولياً في عام 2016، بعد ارتدائه قميص المنتخب في 54 مباراة. ويعترف ماكسي بأن الانتقال من لاعب دولي إلى مشجع لم يكن سهلاً، حيث أوضح بنبرة صريحة: "نحن نشجع المنتخب حتى عندما نكون لاعبين فيه. في البداية كان من الصعب عليَّ مشاهدة مباريات الألبيسليستي على شاشة التلفزيون. لقد أمضيت سنوات عديدة في المنتخب الوطني. كانت تنتابني رغبة جامحة في الاستمرار، لكن لكل شيء بداية ونهاية في هذه الحياة. اليوم أعاني وأشجع مثل أي شخص آخر عندما يلعب المنتخب." بينما يخوض رودريجيز آخر تجربة له على المستطيل الأخضر بألوان نادي عشقه الأول، نيويلز أولد بويز، يحلل اللاعب المخضرم مسيرته الدولية الرائعة بحكمة وتبصر، حيث يستحضر في ختام حديثه قائلاً: "بالنظر إلى صعوبة الوصول إلى هناك والبقاء في القمة، أنا فخور بإحرازي كأس العالم تحت 20 سنة والمشاركة في ثلاث نسخ من كأس العالم للكبار. فعلى غرار الأهداف التي سجلتها، يمكنني القول إن كل ما فعلته طبَع مسيرتي مع الأرجنتين، وأيضاً على صعيد العالم. وهذه الأشياء لا تُنسى أبداً."

Netherlands v Argentina: Semi Final - 2014 FIFA World Cup Brazil - 09-Jul, 2014