أنشأت سحر دبوق أول أكاديمية للفتيات في جنوب لبنان
تتحدث نجمة كرة القدم اللبنانية حول أهمية المشروع لكرة القدم للسيدات
تُواصل الأكاديمية استقطاب الفتيات رُغم الصعوبات
على بعد 80 كيلومتراً من العاصمة اللبنانية بيروت وقبل خمس سنوات تقريباً، كانت نجمة كرة القدم اللبنانية سحر دبوق تضع لمساتها الأولى على تأسيس أول أكاديمية للفتيات في منطقة جنوب لبنان والتي كانت مهد تأسيس نادي "سوبر غيرلز" بالتعاون مع اللاعبة الدولية السابقة سارة عوالي. لم يكن من السهل على دبوق أن تتنقل من جنوب لبنان كل يومين لخوض تدريباتها في مدينة بيروت مع نادي الصداقة الذي انضمت إليه عام 2009. وقد كانت الصعوبات التي مرّت بها كلاعبة دافعاً لها من أجل مساعدة الفتيات على ممارسة اللعبة بتأسيس أول أكاديمية للفتيات في المنطقة. تحّول حلم سحر من فكرة صغيرة ضمّت خمس فتيات في بداياتها، إلى أكاديمية محترفة تضم اليوم أكثر من 50 فتاة من عمر 4 إلى 12 سنة من مختلف أنحاء المنطقة ليلعب نادي "سوبر غيرلز" دوراً مهماً في تغيير النظرة نحو كرة القدم للسيدات.
أوضحت دبوق، التي تحوّلت من لعبة كرة السلة إلى كرة القدم في 2006، لموقع FIFA.com "النظرة العامة في منطقتنا هي أن كرة القدم ليست للفتيات وهو الأمر الذي بدأ يتغيّر شيئاً فشيئاً منذ تأسيس الأكاديمية وأصبح هناك دعم كبير من أجل تغيير النظرة السابقة." وقالت دبوق "بدأنا بعمل نشاطات كروية للسيدات في المنطقة وهو الأمر الذي شجّع الفتيات وعائلاتهن من أجل المشاركة معنا في الأكاديمية التي تهدف إلى العمل بشكل أساسي على تطوير المهارات لدى الفتيات الصغار ووضعهن على الطريق الصحيح. نحن نعمل بطريقة احترافية كبيرة حيث يضم الفريق مدرب ذهني يلعب دوراً مهماً في مساعدة الفتيات على تخطي أي ضغوطات قد تواجههن."
صعوبات بالجملة
تزامن إنشاء "سوبر غيرلز" مع تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان عام 2019 والذي أثّر بشكل كبير على جميع القطاعات بما في ذلك كرة القدم. ولكن رُغم كل الصعوبات فإن دبوق لا تزال تؤمن بوجود الأمل من أجل نشر كرة القدم للسيدات. وتقول "لقد تأثرنا بشكل كبير بالأوضاع الاقتصادية ولكننا في نفس الوقت لم نيأس. حصلنا على دعم من البلدية واليونيفيل بعدما قدّموا لنا هبة عبارة عن حافلة خاصة للفريق لتوفير النقليات لكل اللاعبات إلى التمرين من أجل تحفيزهن على مواصلة اللعب،" مضيفةً "سيكون هدفنا المُقبل هو الحصول على ملعب خاص للتمرين لأننا نتشارك الملعب مع أندية الرجال في المنطقة وهو الأمر الذي يدفعنا لخوض حصص تدريبية بتوقيت مبكّر حالياً على مدى يومين فقط في الأسبوع."
وأضافت "إلى جانب بعض المبادرات الفردية، نحصل على دعم أيضاً من قبل قوات اليونيفيل التي قدّمت لنا الكثير من المعدات الكروية والطبية. تأثير الفريق كان كبيراً على المجتمع حيث أننا نعمل مع الفتيات لدينا على تطوير مهاراتهن الحياتية بالتعاون مع بعض المؤسسات في المنطقة."
تطوير بطريقة احترافية
إلى جانب الدور التدريبي لدبوق، تلعب سارة عوالي بصفتها مديرة "سوبر غيرلز" دوراً مهماً في الأكاديمية التي أصبحت محط أنظار الفتيات في المنطقة نظراً للطريقة الاحترافية التي تُدار بها. تقول عوالي "إذا ما قارنا الوضع حالياً بما كان عليه قبل خمس سنوات أي منذ تأسيس النادي والأكاديمية، هناك فارق كبير." وتُضيف "لقد كسرنا الحاجز الموجود للعب الفتيات كرة القدم في المنطقة حيث يضم الفريق العديد من اللاعبات المحجّبات وهو الأمر الذي كان يُشكّل عائقاً في السابق. أصبح هناك تشجيع كبير من قبل العائلات للفتيات من أجل المشاركة في كرة القدم إلى جانب الدور المهم للمدارس في التعاون معنا لتطوير المواهب الموجودة حالياً. بكل تأكيد وجود فريق للفتيات في المنطقة هو أمر مهم جداً."
من بين المواهب التي تبرز في الأكاديمية حارسة المرمى لين مغنية التي تبلغ 11 عاماً وهي أصغر لاعبة حالياً في النادي التي تقول "لعب كرة القدم هو أمر رائع خصوصاً وأن فريق سوبر غيرلز أصبح له شعبية كبيرة بين الفتيات في المنطقة. اللعب مع فتيات كبار هو أمر رائع لأنهن يُقدمّن الكثير من الدعم لي." لم يقتصر دور "سوبر غيرلز" على تطوير المواهب بل أصبح رافداً للمنتخبات الوطنية للسيدات في لبنان بينما قادت سحر دبوق منتخب لبنان تحت 16 سنة للفوز ببطولة غرب آسيا 2023 بداية هذا العام ليُشكّل هذا الأمر دافعاً أكبر من أجل نشر اللعبة في المنطقة. وتقول دبوق "لقد كان الفوز مع المنتخب ببطولة غرب آسيا إنجازاً شخصياً ولكن في نفس الوقت أصبح الجميع ينظر إلي من منظار مختلف. لقد ساهم هذا الأمر في زيادة الثقة لدى أهالي المنطقة بأن العمل الذي نقوم به في الأكاديمية هو عمل احترافي لتطوير الفتيات."
حلم ليس بعيد
بينما لم يسبق لمنتخب لبنان للسيدات أن شارك في كأس العالم، إلا أن دبوق ترى بأن هذا الحلم ليس بعيد المنال خصوصاً مع التطور الكبير للعبة خلال السنوات الأخيرة. وتقول "نحن الآن نسير على الطريق الصحيح ولا يوجد شيء مستحيل. منتخبات لبنان الآن هي من الأبرز على صعيد السيدات في منطقة غرب آسيا وإذا ما أكملنا العمل على صعيد الفئات العمرية، فإن حلم الوصول إلى كأس العالم للسيدات ليس مستحيلاً." وتؤكد عوالي على إمكانية تحقيق هذا الحلم "كل الأندية والأكاديميات والمدارس هدفها تطوير كرة القدم للسيدات. حالياً نرى منتخب المغرب يُشارك في كأس العالم للسيدات للمرة الأولى وإذا ما واصلنا العمل على منتخبات تحت 17 سنة وتحت 19 سنة، فإننا سنتأهل إلى كأس العالم للسيدات في المُستقبل."