لعب إيفيدنس ماكجوبا لعب في بطولات القرية كمدافع قبل ثلاث سنوات
كمهاجم، تألق مع منتخب جنوب أفريقيا خلال تصفيات قطر ٢٠٢٢
يتحدث اللاعب عن صعوده الصاروخي وحلمه بالوصول إلى كأس العالم FIFA
عندما كان في الثانية عشرة من عمره، كان إيفيدنس ماكجوبا يسير بلا نهاية في الممرات المهجورة والمغبرّة في ليمبوبو، إحدى أفقر المقاطعات في جنوب أفريقيا. كان عليه قطع عشرة كيلومترات للوصول إلى مدرسته، ومثلها للعودة إلى البيت. سبعة ايام في الاسبوع. فعطلات نهاية الأسبوع كانت هي أيضاً مكرسة للتعليم الذي منحه بارقة أمل في الهروب من الفقر. ولكن هذا الطفل المغرم بكرة القدم لم يكترث لذلك. ملأ كتبه المدرسية بقصاصات من الصحف لكريستيانو رونالدو وزلاتان إبراهيموفيتش وآخرين، وكان يتأمّل صورهم وأخبارهم بإعجاب شديد أثناء سيره، لكن الرهبة تمنعه حتى من تخيل أن يكون بإمكانه في يوم ما تقليد نجومه الكبار. لم يلعب إيفيدنس أبداً في مباراة كرة قدم من قبل، ولا حتى للمدرسة التي استحوذت على الكثير من وقته، "فالنشأة في منطقة ريفية صغيرة تجعلك تفكر أن لا مجال لك في النجاح في الحياة، وبالتأكيد في كرة القدم." لا يزال إيفيدنس المولود في مدينة جا مامبا معجباً بكريستيانو وزلاتان. تجاوز رونالدو، 36 عاماً، الرقم القياسي الدولي للأهداف المسجل لعلي دائي، وهو يحاول أن يصبح أول لاعب يسجل في خمس نسخ من كأس العالم FIFA. أما زلاتان، 40 عاماً، فقد أنهى تقاعده الدولي في محاولة للوصول إلى قطر ٢٠٢٢ مع السويد التي تتفوق حالياً على أسبانيا في سعيها لحجز تذكرة التأهل. ومع ذلك، فإن قصة إيفيدنس ماكجوبا أغرب من الخيال. فبعد لعب أول مباراة له في سن 13 عاماً واكتشافه بالصدفة أثناء لعبه كمدافع في بطولة القرية قبل أقل من ثلاث سنوات، أصبح اللاعب البالغ من العمر الآن 21 عاماً لاعباً أوليمبياً وأذهل الجميع بأدائه مع منتخب "البافانا بافانا" في تصفيات كأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢™. تحدّث ماكجوبا إلى FIFA حول انطلاقه الصاروخي على الساحة الكروية، ومعركة جنوب أفريقيا مع غانا للحصول على مقعد في الدور الأخير من التصفيات الأفريقية، ومواضيع أخرى.
FIFA: بدأت لعب كرة القدم في وقت متأخر، أليس كذلك؟ إيفيدنس ماكجوبا: لم ألعب كرة القدم فعلاً قبل أن يصبح عمري 13 عاماً. لعبت كرة القدم في الشوارع، لكنني لم ألعب أبداً في أي مباراة. كانت حياتي مخصّصة للمدرسة. كنت أدرس كل يوم، بما في ذلك يومي السبت والأحد، مضطّراً للسير أكثر من عشرة كيلومترات للوصول إلى المدرسة وأكثر من عشرة كيلومترات للعودة إلى المنزل. وعندما كان لدي الوقت، كان ينتابني الخوف الشديد من أن ألعب في مباراة وأرتكب خطأ، لذلك اكتفيت بركل الكرة في الشوارع. ثم عندما أصبح عمري 13 عاماً، شاهدني شخص ما ألعب كرة القدم في الشوارع وقال: "هذا الصبي يُمكنه اللعب". ثم بدأت اللعب في المباريات لأول مرة في قريتي. لعبت كمدافع، لكن في الحقيقة لم تكن لدى اللاعبين مراكز محددة. لقد كان كل شخص يطارد الكرة فقط، وكان ذلك من أجل المتعة لا غير. كان من الصعب جداً اللعب على الملاعب. كانت مغبرة للغاية، ولم تكن هناك أرضية ناعمة. خلال تلك الرحلات الطويلة إلى المدرسة، هل تخيّلت أن تصبح لاعب كرة قدم؟ لا، لقد كان من غير الواقعي لشخص من قريتي أن يحلم بذلك. فالنشأة في منطقة ريفية صغيرة تجعلك تفكر أن لا مجال لك في النجاح في الحياة، وبالتأكيد في كرة القدم. كان لدي ملف للمدرسة ملأته بقصاصات الصحف عن لاعبي كرة القدم. اعتدت أن أنظر إليهم وأنا أسير إلى المدرسة وأقول في نفسي "من الرائع أن تكون مثل هذا اللاعب. إنه يعيش حياة رائعة بالتأكيد." لكن الحلم بأن أكون مثله كان غير واقعي أبداً. لو كنت قلت لي حينها أنني سأصبح لاعباً محترفاً، لكنت اعتقدت أنك مجنون تماماً.
رآك نادي باروكا بالصدفة تلعب في الخلف في بطولة القرية في ديسمبر/كانون الأول 2018. هل صحيح أنك لم تكن تعتقد أنك جيد بما فيه الكفاية عندما اتصل النادي بك بعد ذلك؟ عندما سمعت ذلك لأول مرة اندهشت. كان حلمي هو أن أستطيع العيش في هذه الحياة، مجرد العيش، والعرض بالانضمام إلى النادي كان بمثابة حلم جنوني. لم أكن أعتقد أنني جيد بما يكفي لأصبح لاعباً محترفاً. كان لدي الكثير من الشكوك. لكن بعد ذلك قلت لنفسي: "لا يُمكنني تفويت هذه الفرصة. يجب أن أستغلها بكل امكانياتي." في غضون بضع سنوات كنت قد خرجت من مقاعد البدلاء وسجلت هدفين لتضمن الفوز 3-2 في أول ظهور لك مع البافانا بافانا... كان الأمر لا يصدّق. لعبت كرة القدم الاحترافية للمرة الأولى فقط قبل ذلك ب 15 شهراً، وها أنا هنا أمثل منتخب البافانا بافانا. لقد كنت متوتّراً قبل ذلك، لكني قلت لنفسي: "ركّز، وكن متواضعاً، واعمل بجد، وأنت تعلم أنه يمكنك القيام بذلك." ولحسن الحظ، سار كل شيء حسب الخطة. لقد سجلت ثنائية وفزنا. لقد حققت حلما في ذلك اليوم. أتذكر أنني أجريت مكالمة فيديو مع عائلتي بعد المباراة. أمي تراسلني دائماً. عندما نخسر، تحاول دائماً أن ترفع معنوياتي، وتقول لي إنني سأسجل في المرة القادمة وإننا سنفوز. وعندما نفوز، فإنها تمدحني دائماً. أتذكر أنني أيقنت كم كانت فخورة بي، وكان ذلك يعني الكثير بالنسبة لي..
كيف شعرت عندما تم استدعاؤك للذهاب إلى الألعاب الأوليمبية؟ تساءلت: هل يحدث هذا فعلاً؟ أتذكر أنني ركبت الطائرة وما زلت غير مصدق. لقد شاركت لأول مرة مع منتخب البافانا بافانا والآن أنا على وشك أن أصبح لاعباً أوليمبياً! أشياء مثل هذه لا تحدث لأشخاص مثلي. متى سأستيقظ من هذا الحلم؟ لكنني أردت أيضاً أن أقدم كل شيء لتبرير هذه الفرصة المذهلة. كان شخص ما قد وثق بقدراتي ومنحني فرصة، ربما على حساب لاعب متمرّس. كنت ممتناً جداً وأردت سداد ذلك الدين. خرجت جنوب أفريقيا من الألعاب الأوليمبية بعد أن خسرت جميع المباريات الثلاث، لكنك تألقت على المستوى الفردي. هل أنت فخور بأدائك؟ نعم، أستطيع أن أقول إنني فخور بأدائي، وخاصة في المباراة ضد فرنسا. لقد سجلت هدفاً، وسددت كرة ارتطمت بالقائم، وأشعر أنني تفوقت على المدافعين. لقد كانت تجربة عظيمة. أنت تفكر في جميع اللاعبين العظماء الذين لعبوا في الألعاب الأوليمبية، وجميع الرياضيين العظماء من الرياضات الأخرى، وهذا الشعور بأنك لاعب أوليمبي هو شعور رائع حقاً.
كيف تصف نفسك كلاعب؟ أعتقد أن أفضل صفاتي هي اللمسات الأخيرة، ولعبي الهوائي وحركتي. من حيث أتيت، كنت أعلم أنه سيكون من الصعب حقاً أن أنجح، لذلك كنت أعلم أن عليّ أن أبذل مجهوداً إضافياً. بدأت بدراسة اللاعبين على YouTube وأعتقد أن هذا ساعدني كثيراً. منذ أن بدأت اللعب كمهاجم، كنت أدرس إدينسون كافاني وزلاتان إبراهيموفيتش وتامي أبراهام وكريستيانو رونالدو وروميلو لوكاكو وليبو موثيبا. في الحركة تعلمت الكثير من كافاني، وفي التقنية تعلمت من إبراهيموفيتش، وفي حماية الكرة تعلمت من موثيبا. ما زلت أدرس اللاعبين على YouTube، ويساعدني هذا كثيراً. تم انتقاد الكثير من أكبر اللاعبين الواعدين في جنوب أفريقيا في العقود الأخيرة باعتبارهم كسولين للغاية، لكنك تتميّز بمعدل عمل ممتاز. هل تبذل مجهوداً إضافياً كبيراً عن وعي؟ نعم. وفي كل مباراة. أعلم أنه قد يكون هناك مهاجم أسرع مني وأكثر مهارة وأفضل في التسديد، ولا يُمكنني فعل أي شيء حيال ذلك. لكن يُمكنني التحكم فيما إذا كنت أعمل بجهد أكبر منه، وأتأكد تماماً من أنني أقوم بذلك فعلاً. لا أريد أبداً أن أعطي للمدرب، في أي مباراة طوال مسيرتي، الفرصة لانتقاد معدل عملي. أفضل الموت على أرض الملعب.
غانا لديها توماس بارتي من آرسنال، ومحمد كودوس من أياكس، وكمال الدين سليمان من رين، والإخوين آيو. كانت غانا المرشحة الأكبر للفوز بالمجموعة السابعة، لكن جنوب أفريقيا في الصدارة الآن، متفوقة على غانا بنقطة... كرة القدم مليئة بالمفاجآت. نعم، لديهم لاعبون من أندية كبيرة في أوروبا، لكننا لا نهتم بذلك. نريد حقاً أن نكون في قطر العام المقبل، ونراهم لاعبين يقفون في طريقنا إلى هناك. لذلك علينا رفع مستوى لعبنا، والقتال. أنا واثق من أن جنوب أفريقيا ستحتل المركز الأول في مجموعتنا. كان عام 2010 مذهلاً بالنسبة لجنوب أفريقيا، لكننا فوّتنا آخر نسختين من نهائيات كأس العالم بعد ذلك.
بلغت العاشرة من عمرك قبل كأس العالم 2010 مباشرة. ماذا تتذكر من تلك البطولة؟ لن أنسى أبدا تسجيل تشابالالا الهدف الأول في البطولة. يا لها من لحظة رائعة لجنوب أفريقيا. لقد عمّ الفرح جميع أنحاء البلاد. كان هذا هو الهدف الذي جعل جميع مواطني جنوب أفريقيا يؤمنون بقدراتهم. كنت أشاهده مع عائلتي بأكملها. كان هناك شاشة كبيرة في الحديقة العامة. جن جنون الجميع في تلك اللحظة. ماذا يعني أن تتأهل جنوب أفريقيا لكأس العالم مرة أخرى؟ لا أستطيع حتى أن أتخيل ما قد يعنيه ذلك. شعب جنوب أفريقيا شغوف للغاية بكرة القدم. إنها مسألة شخصية جدًا بالنسبة لهم. سيأتون إليك وينتقدونك، لكن بعد ذلك سيحاولون رفع معنوياتك للمباراة التالية. سوف يدعمونك دائماً. نحن بحاجة ماسة لمنح الناس فرحة الذهاب إلى كأس العالم مرة أخرى.