حقق منتخب سان مارينو إنجازاً تاريخياً بإحرازه تعادلين في منافسات رسمية
كان لدانتي روسّي دور حاسم في هذا الإنجاز
لم ينضم المدافع المنحدر من أصل أرجنتيني لمنتخب سان مارينو إلا مؤخرًا، بعد 10 سنوات من الإنتظار
نادراً جداً ما يتصدر التعادل 0-0 عناوين الصحف في عالم كرة القدم، حيث تُعتبر هذه النتيجة هي الأسوأ في أعين عشاق الساحرة المستديرة المعروفين بحبهم للأهداف. لكن التعادل السلبي مرتين كان مصدر سعادة عارمة في أوساط أهالي سان مارينو مؤخرًا، عندما تقاسم منتخبهم نقاط مباراتيه ضد ليختنشتاين وجبل طارق ضمن منافسات دوري الأمم الأوروبية.
فقد كان هذان التعادلان مرادفين لإنجاز تاريخي بالنسبة لكتيبة سيرينيسيما، التي تمكّنت لأول مرة من تفادي الهزيمة في مباراتين رسميتين متتاليتين. بل واكتسب التعادل أمام جبل طارق أبعاداً ملحمية، حيث اضطر سان مارينو إلى إكمال المباراة بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 49، بعد البطاقة الحمراء التي تلقاها قائده دافيدي سيمونسيني.
وما أن انطلقت صافرة الحكم معلنة نهاية اللقاء حتى أطلق دانتي روسّي العنان لمشاعره الفياضة، حيث أجهش بالبكاء فرحاً وابتهاجاً بالنتيجة. وفي حديث حصري لموقع FIFA.com، علّق قلب الدفاع المنحدر من أصول أرجنتينية بالقول: "ما هو الشعور الذي انتابني في تلك اللحظة؟ الإثارة والسعادة لرؤية زملائي فخورين ومتحمسين للغاية في غرفة تبديل الملابس. كنا نسعى إلى تحقيق نتائج مُرضية. وبفضل هذين التعادلين، كتبنا تاريخاً جديداً لسان مارينو في عالم كرة القدم، وهو إنجاز تاريخي أيضاً للرياضة عموماً في بلادنا."
من مواليد بلدة جيريكو الأرجنتينية الصغيرة، التي يبلغ عدد سكانها 900 نسمة والواقعة بالقرب من العاصمة بوينس آيرس، انتظر روسّي 10 سنوات تقريبًا قبل أن يحصل على الجنسية المزدوجة، عن طريق جده لأمه المنحدر من سان مارينو.
وفي هذا الصدد، قال المدافع البالغ من العمر 33 عامًا: "القانون لم يسمح لي بالحصول على الجنسية من قبل. لعل تأثّري بتلك الطريقة يعود أيضًا إلى استحاضري لكل الجهود المبذولة في سبيل الحصول على هذه الجنسية العزيزة على قلبي. كان ارتداء هذا القميص بمثابة حلم بالنسبة لي."
وتابع قلب الدفاع المخضرم: "لطالما كانت سان مارينو جزءًا من حياتي. لطالما كنت أشعر بالفضول لمعرفة المزيد عن جذور جدي، والتي هي أيضًا جذوري. سان مارينو بلد تعمه الإثارة والحماسة. إنها أقدم جمهورية في العالم. كنت أعرف ذلك منذ صغر سني بقدر ما كنت مُلماً بجغرافيته. فهذا البلد غير الساحلي تحدُّه إيطاليا من كل جانب. كما يتميز بجبل مونتي تيتانو الشهير (الجبل الرئيسي في سان مارينو). وقد تعلّمت اللغة وطريقة عيش الناس أيضاً..."
منحت دولة سان مارينو الكثير لروسّي، بقدر ما قدَّم روسّي الكثير لسان مارينو. ففي خمس مشاركات له فقط مع منتخب سيرينيسيما، أضفى قلب الدفاع الثبات والصلابة على الخط الخلفي بشكل لا غبار عليه. وعلق في هذا الصدد قائلاً: "بحكم نشأتي ولعبي في الأرجنتين، من الواضح أنني مشبّع بكرة القدم الأرجنتينية. لدي ذلك الاندفاع الحماسي الذي أعتقد أنه ميزة من مزايا كرة القدم هناك."
هل تعلم؟
مهاجم سان مارينو أدولفو هيرش (39 مباراة دولية) هو صديق لدانتي روسّي منذ الطفولة، حيث نشآ معاً في بلدة جيريكو الأرجنتينية.
"من هو مثلي الأعلى؟ دييجو مارادونا. لم ولن يكون هناك أي لاعب آخر مثله. كما كنت أعشق خوان رومان ريكيلمي. كان يتحكّم في إيقاع اللعب أفضل من أي لاعب آخر،" دانتي روسّي!

حلم الانتصار الأول
ولكن إذا كان لروسّي نصيبه في النتائج الرائعة للمنتخب، فمن الواضح أن ما تحقق حتى الآن هو ثمرة للعمل الجماعي أيضاً، وهو ما يوضحه ابن الثالثة والثلاثين بالقول: "لقد عملنا كثيرًا كمجموعة. الفضل يرجع بشكل خاص لمدربنا فرانكو فاريلا في تطورنا على مستوى عقلية اللعب وتغيير طريقة تعاملنا مع المباريات، حيث أصبحنا أكثر صلابة وأفضل تنظيماً. اليوم ندخل الميدان ونحن ندرك أنه يمكننا التنافس مع خصومنا نداً للند. باختصار، بدأنا نؤمن بأنفسنا وبإمكاناتنا. أتمنى أن تكون هذه مجرد البداية."
لعل الجواب على هذا السؤال قادم عاجلاً وليس آجلاً، في ظل اقتراب موعد انطلاق التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢، والتي ستجرى قرعتها يوم 7 ديسمبر/كانون الأول، حيث ستكون هذه المنافسات التأهيلية فرصة لسيرينيسيما من أجل الوقوف على مستواها الحقيقي أمام بعض عمالقة القارة.
وأوضح رُوسِّي في هذا الشأن: "نحن ندرك أن هناك فجوة بيننا وبين أفضل الفرق الأوروبية، لكن من الصعب معرفة المدى الحقيقي لهذا الفارق الذي يفصلنا عنهم. ومهما يكن فإننا على يقين من أننا قد تحسنَّا كثيرًا. ما فعلناه حتى الآن شيء رائع ويستحق التنويه، لكنه أصبح الآن في عداد الماضي. يجب أن نواصل العمل والتدريب والإيمان بأنفسنا وإمكاناتنا."
ثم ختم بالقول: "آمل أن أشارك في هذه التصفيات. أظن أني أستحق ذلك، وسأبذل كل في وسعي من أجل بلوغ هذا المبتغى. التحدي المقبل مثير إلى درجة وضعنا معها لأنفسنا هدفاً جديداً في الأفق: تحقيق أول انتصار في مباراة رسمية!"