مقابلة حصرية مع اللاعب الأكثر مشاركةً مع منتخب اليابان
في وقت سابق من هذا العام، سجل ياسوهيتو إيندو رقماً قياسياً جديداً في الدوري الياباني
يتحدث اللاعب البالغ من العمر 40 عاماً عن فلسفته في الحياة وذكريات كأس العالم والعديد من المواضيع الأخرى
في السنوات الأخيرة، استأثر عدد من اللاعبين اليابانيين باهتمام متتبعي كرة القدم العالمية، حيث تألقوا على أعلى مستوى حتى بعد بلوغهم الأربعينيات من العمر (وبعضهم في الخمسينيات أيضاً!). ما سر هذه القدرة الخارقة وما هو نهجهم في الحياة وكرة القدم؟
لعل ياسوهيتو إيندو هو الشخص الأمثل للحديث حول هذا الموضوع، باعتباره اللاعب الأكثر مشاركة مع منتخب "الساموراي" والدوري الياباني على مر العصور. كيف لا وهو الذي تزخر مسيرته الاحترافية بأكثر من 800 مباراة، حيث تألق بتقنيته المتميزة في تنفيذ الكرات الثابتة ورؤيته الثاقبة وتمريراته الدقيقة.
حالياً، يلعب إيندو لنادي جوبيلو إيواتا الذي ينافس في الدرجة الثانية، حيث انضم إليه معاراً من نادي جامبا أوساكا. وفي حديث خص به موقع FIFA.com، يستحضر ابن الأربعين ربيعاً مسيرته الكروية ومشواره المتميز في كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 FIFA، متطرقاً في الوقت ذاته لعدد من المواضيع الأخرى.
موقع FIFA.com: ياسوهيتو، كيف يمكن مقارنة هذا التحدي الذي تخوضه حالياً مع جوبيلو إيواتا بكل التجارب الأخرى التي عشتها في مسيرتك؟ ياسوهيتو إيندو: كل ما أقوم به هو الاستمتاع بكرة القدم هنا لأن الظروف مختلفة جداً عن فرقي الأخرى. لقد لعبت لجامبا أوساكا لفترة طويلة. اليابان ليست ببلد كبير كالولايات المتحدة، مثلاً، لكن محافظتي أوساكا وشيزوكا مختلفتان تماماً عن بعضهما البعض. أنا أستمتع بكرة القدم في ظل هذه الثقافة المختلفة.
من أين أتى حبك لكرة القدم؟ كيف نشأ هذا العشق؟ لقد تأثرت كثيراً بأخي الأكبر الذي كان يلعب كرة القدم، فأحببتها أنا أيضاً. كنت دائما أتبعه وأقلده. من خلاله أصبحت أحب كرة القدم كثيراً.
هل دفعتك الأقدار لأن تصبح لاعب خط وسط؟ في الأصل كنت مهاجماً. كنت أحب تسجيل الأهداف ولكن عندما بلغت الرابعة عشرة من عمري أصبحت لاعب خط وسط لأنني اعتقدت أن الأمر سيكون أسهل (يضحك). الآن أعلم أنه مركز أصعب بكثير. عليك أن تجري أكثر من غيرك بكثير!
يوجد في اليابان العديد من اللاعبين البارزين الذين مازالوا يقدمون أداءً على أعلى مستوى حتى الأربعينيات من العمر وبعضهم في الخمسينيات من العمر كذلك. ما سر هذا التألق المتواصل وكيف تفسر هذه الخاصية اليابانية؟ بصراحة، لا أعرف سر ذلك على الإطلاق! (يضحك) الشعب الياباني لا يعرف كيف يستسلم. نحن نتميز بهذه العقلية.
كانت جنوب أفريقيا 2010 بطولة مميزة بالنسبة لك. ما سبب نجاح تجربتك تلك؟ إنه سؤال صعب لكن الجواب واضح. بعد أن تأهلنا إلى كأس العالم خضنا بعض التدريبات والاستعدادات، لكن نتائجنا كانت سيئة للغاية. بالكاد فزنا بأي من مبارياتنا التحضيرية، لذلك لم يتوقع منا اليابانيون وغيرهم أن نلعب بشكل جيد في كأس العالم بجنوب أفريقيا. هذا يعني أن فريقنا كان قد تخلص من أي ضغط يمكن أن يأتي من خارج المجموعة، فكنا عازمين على الظهور بصورة جيدة بعد سلسلة من النتائج السيئة في مواجهاتنا الودية. كانت وسائل الإعلام اليابانية والجماهير لا تتوقع منا أي شيء. قررنا إظهار كرة القدم اليابانية في صورتها الحقيقية. كانت لدينا تلك الروح والعزيمة.
لماذا اخترت البقاء في اليابان طوال مسيرتك بدلاً من اللعب في الخارج؟ هل تلقيت أي عروض؟ أو هل كنت تتمنى الحصول على فرص في هذا الصدد؟ لقد تلقّيت عروضاً من مختلف البلدان، لكنني أعطي دائماً قيمة كبيرة لأسلوب كرة القدم الموجود في كل مكان من الأماكن التي وصلتي منها تلك العروض. لم تكن الأساليب مناسبة لأسلوبي أبداً، لذلك اعتقدت أنني لن أكون سعيداً باللعب في تلك البلدان. لهذا السبب قررت البقاء في اليابان. لم أندم على بقائي في اليابان، لكن لا يزال لدي بعض الآمال في أن ألعب في الخارج. ما زلت أرغب في تحقيق ذلك.
أنت معروف بأسلوبك الفريد من نوعه في تنفيذ ركلات الجزاء. هل هذا يعكس شخصيتك خارج الميدان؟ هل أنت شخص هادئ خارج ساحة كرة القدم؟ أشعر بهدوء شديد عند تنفيذ ركلات الجزاء لأنني أحاول جاهداً ألا أفكر في أي شيء حتى آخر لحظة، مما يعني أنه قبل أن أركل لا أقرر الجانب الذي سأسدد نحوه. أتخذ القرار في اللحظة الأخيرة. أعلم أني إذا أضعتها، فسيكون ذلك محرجاً للغاية. أنا من النوع الذي لا يفكر في كرة القدم على الإطلاق بمجرد مغادرة ملعب التدريب. أنا لا أشاهد مباريات كرة القدم على الإطلاق.
هل تستمتع بقيادة زملائك والمساعدة في توجيه الجيل القادم من اللاعبين؟ أي نوع من القادة أنت؟ أهم شيء بالنسبة لي هو إظهار كرة القدم في صورة جيدة لهذا الجيل من اللاعبين وتشجيعهم على اللعب بشكل جيد. أريد أن أكون قدوتهم بالفعل لا بالقول فقط. أثناء المباريات، أريد مساعدتهم فوق المستطيل الأخضر من خلال اللعب بشكل جيد ومنحهم أفضل تمريراتي. بالطبع أثناء التدريب أحرص على تقديم النصيحة للاعبين الشباب.

كثر الحديث عن اختفاء دور صانع الألعاب التقليدي صاحب القميص رقم 10 من كرة القدم الحديثة، خاصة في المنافسات على أعلى المستويات، حيث أصبحت الأولوية على ما يبدو تُعطى للسرعة والقوة. هل توافق على ذلك، وإذا كان الأمر كذلك، فهل تعتقد أن هناك نقصاً في الإبداع حالياً؟ لقد لاحظت أن التوجه قد تغير. يبدو أن الناس يقدِّرون القوة والسرعة أكثر من ذي قبل. كنت أحب أصحاب الرقم 10 عندما كنت صغيراً وكم تمنيت أن ألعب مثل بلاتيني وزيكو ومارادونا وكرويف. أريد أن يعود دور صاحب القميص رقم 10 إلى عالم كرة القدم. هذه هي رغبتي.
لا يزال أمامك سنوات في مسيرتك للاستمتاع بكرة القدم، ولكن ماذا تنوي فعله بعد الاعتزال؟ بعد الاعتزال؟ أنا لم أقرر أي شيء بعد. أرغب في أخذ قسط من الراحة والسفر بعض الشيء. لقد أمضيت سنوات طويلة في اللعب والتنافس والتدريبات، ولم يكن لدي وقت للسفر، لذلك أود أن أسافر لفترة من الوقت. أريد أن أرى أكبر عدد ممكن من مواقع التراث العالمي لليونسيكو.
ماذا علّمتك كرة القدم بعد كل هذه السنوات؟ ما هي الدروس التي استفدتها في حياتك؟ كرة القدم علمتني كل شيء. لقد قابلت الكثير من الناس. هؤلاء الأصدقاء عزيزون على قلبي. لقد نشأت وأنا أمارس كرة القدم، ورأيت العديد من البلدان المختلفة كلاعب كرة قدم وتعلمت أشياء كثيرة من ثقافات مختلفة. عندما ألعب، يمكنني تحريك مشاعر الناس وإسعادهم. وهذا يُشعرني بالسعادة أنا أيضاً. لهذا السبب أنا أمارس هذه اللعبة.