لطالما كان نزال المنتخبين الجارين ألمانيا وهولندا عنواناً للندية الكبيرة والفرجة الممتعة. ففي عام 1974، حسمت ألمانيا مباراة النهائي على أرضها وأمام جماهيرها على حساب كتيبة الأراضي المنخفضة بنتيجة 1:2. وبعد مرور 14 عاماً، أخذت هولندا بثأرها من كتيبة المانشافت بعدما فازت عليها بمدينة هامبورج بنتيجة 1:2، مزيحة إياها من دور نصف النهائي في طريقها للتتويج باللقب الأوروبي. وحينما التقى المنتخبان في 24 يونيو/حزيران 1990 للمرة الثالثة ضمن منافسات بطولة كبرى كان النزال بينهما نزالا مصيريا.

24 يونيو/حزيران 1990، ملعب جيوزيبي مياتزا، ميلانو (إيطاليا)

⚽ الهدافون: يورجن كلينسمان (51)، أندرياس بريمه (85)، رونالد كومان (89 ركلة جزاء)

التشكيلتان الأساسيتان

· ألمانيا: بودو إيلجنر – كلاوس أوجنتهالر – شتيفان رويتر، يورجن كولر، توماس بيرتولد، أندرياس بريمه، بيير ليتبارسكي، لوثر ماتيوس ©، جيدو بوخفالد، يورجن كلينسمان (77. كارل هاينز ريدله)، رودي فولر.

· هولندا: هانس فان بروكيلن – رونالد كومان – بيري فان إيرلي (66. فيم كيفت)، فرانك ريكارد، أدري فان تيجلين، يون فانت شيب، آرون فينتر، يان فوترس، ريشارد فيتشجه (78. هانس جيلهاوس) – رودي خوليت ©، ماركو فان باستن.

كانت القرعة وراء تأهل المنتخب الهولندي إلى الدور الثاني لمواجهة جاره وغريمه التقليدي. فبعد حصده ثلاثة تعادلات أمام كل من مصر وإنجلترا وجمهورية أيرلندا تساوت الطواحين الهولندية مع الأيرلدنيين في كل الأرقام. وللحسم في هوية المتأهل إلى الدور التالي، احتكم الفريقان للقرعة التي أرسلت هولندا لمواجهة ألمانيا التي كانت قد تصدرت مجموعتها بعد فوزها على الإمارات العربية المتحدة (1:5) ويوغوسلافيا (1:4) وتعادلها مع كولومبيا (1:1).

سيطر الهولنديون في البداية على مجريات اللعب وحصلوا على فرص التسجيل الأولى، إلا أن طرد رودي فولر وفرانك ريكارد في منتصف الشوط الأول عطّل إيقاع المباراة لبعض الوقت. لكن يورجن كلينسمان، شريك فولر في خط الهجوم، خطف الأضواء ونجح قبل نهاية الشوط الأول في تسجيل هدف التقدم لصالح المنتخب الألماني، الذي كان في حوزته وقتها لقبين عالميين. احتدمت المباراة وتوالت الحملات الهجومية بين الفريقين، إلى أن تمكن أندرياس بريمه في الدقائق الأخيرة من تسجيل الهدف الثاني الحاسم، قبل أن يقلص رونالد كومان النتيجة من ركلة حرة قبل لحظات من صافرة النهاية.

إن الأداء القوي الذي أبان عنه يورجن كلينسمان خلال مواجهة هولندا جلب له 30 بالمائة من الأصوات التي منحته أفضل تقييم للاعب في البطولة. وكتبت جريدة زيدويتشه زايتونج في مقال لها آنذاك أنه بعد طرد شريكه في الهجوم "لعب كلينسمان في كلا المركزين وقدم عرضا يكاد يكون مثاليا". وكان هدف التقدم الذي سجله قد عبّد الطريق لفريقه إلى الدور التالي. بالنسبة إلى* كلينسي* كانت هذه المباراة التي لعبت في ميلانو مميزة بشكل خاص، فقد خاضها رفقة زميليه في النادي أندرياس بريمه ولوثر ماتيوس، وفي ملعب ناديهم إنتر الإيطالي.

"كان الفوز باللقب بالطبع أكبر تجربة عاطفية عشتها. في تلك الفترة، كنت أعيش وألعب في إيطاليا، لهذا كانت تلك البطولة وكأنها تقام في بلدي. لعبنا المباريات الأولى في بيتي الإيطالي، إن جاز التعبير، وهو ملعب سان سيرو في ميلانو الذي تعودت على اللعب فيه مع الإنتر. لم يكن يدعمنا الأنصار الألمان فقط، بل الإيطاليون أيضاً. وفي النهائي، شارك لاعب آخر من الدوري الإيطالي وهو رودي فولر الذي كان يلعب حينها لنادي روما. إلى ذلك، كان المنتخب الإيطالي قد خرج من البطولة على يد الأرجنتين، لذا كان الملعب كله إلى جانبنا. يتحدث المرء دائماً عن الحكاية الصيفية لبطولة 2006، لكن كأس العالم 1990 كانت حكايتي الصيفية الخاصة، وبنهاية سعيدة،" لوثر ماتيوس، كابتن منتخب ألمانيا.

"كانت مباراة قوية ومفتوحة وقد فقدنا مهاجماً. تمكنا من الضغط على الهولنديين بهذه المنظومة، ونجحنا في إعيائهم، ثم تسجيل هدفين. قدّم جيدو بوخفالد ويورجن كلينسمان كل ما في جعبتهما. هولندا منتخب من الطراز العالمي، ومن يفوز عليه يمكنه أن يفوز على أي فريق آخر!" فرانز بيكنباور، مدرب منتخب ألمانيا.

"لم تكن مباراة عادية بالنسبة لي، لقد كانت أجمل مباراة في مسيرتي حتى الآن. أهدي الهدف لرودي. إنها المرة الأولى التي أسجل فيها هدفاً من أجل شخص آخر،" يورجن كلينسمان، مهاجم منتخب ألمانيا.

"عشنا مباراة مثيرة جداً وهجومية. ولم أخذل المدرب في أول مشاركة لي في كأس العالم،" يورجن كولر، مدافع منتخب ألمانيا.

"كنا الأفضل على المستوى البدني، وفزنا عن جدارة واستحقاق. قدم يورجن كلينسمان أداء ممتازاً وتكفل بتعويض الفراغ الذي تركته،" رودي فولر، مهاجم منتخب ألمانيا.

"صحيح أن الألمان دائماً ما يعملون بجد على أرض الملعب، لكنهم يتمتعون حاليا بقدرات فنية رفيعة، والفضل في ذلك يعود إلى بيكنباور،" رود خوليت، لاعب وسط منتخب هولندا.

"قدمنا أفضل مباراة لنا في كأس العالم، ولم يحالفنا الحظ في استغلال الفرص التي أتيحت لنا. تأثرنا كثيراً بطرد فرانك ريكارد، أكثر مما تأثروا هم بطرد فولر،" رونالد كومان، مدافع منتخب هولندا.

بينما عاد الهولنديون مبكرا إلى ديارهم، مما جعل المدرب ليو يستقيل من منصبه، واصلت الماكينات الألمانية مشوارها إلى النهائي متفوقة على منتخب تشيكوسلوفاكيا سابقا (1-0) وإنجلترا (4-3 بركلات الترجيح). وفي موقعة النهائي، تفوقت كتيبة فرانز بيكنباور، بفضل ركلة جزاء نفذها أندرياس بريمه بنجاح (1-0)، على الأرجنتين بقيادة النجم العالمي دييجو مارادونا.