من الأهمية بمكان أن يكون الحكام في حالة بدنية جيدة وهم الذين يركضون ما متوسطه 11.5 كم في المباراة الواحدة. فبعد مشاركته في موسم حافل بالأحداث في الدوري الفرنسي الممتاز، سيختتم فرانسوا ليتكسييه هذا الصيف الكروي الساخن بإدارة مباريات بطولتي كرة القدم الأولمبية في باريس 2024، حيث يبدو في أفضل حالاته من الناحية البدنية.

فبفضل ثبات مستواه ونجاحه في مهامه التحكيمية خلال منافسات النخبة التي أدار مبارياتها، أكد ابن منطقة بروتاني الفرنسية جدارته بقيادة مواجهات على أعلى مستوى، وهو الذي تُوج بجائزة أفضل حكم في دوري الدرجة الأولى الفرنسي للسنة الثانية على التوالي. وباعتباره أحد أفضل الحكام في أوروبا، تم استدعاء ليتكسييه ليكون جزءاً من الفريق التحكيمي في كأس الأمم الأوروبية 2024، حيث أنيطت به مهمة إدارة المباراة النهائية بين إسبانيا وإنجلترا. وها هو الآن يتأهب لخوض تجربة دولية أخرى، حيث اختير ضمن الحُكام الذين ستُوكل لهم مسؤولية التحكيم في مباريات بطولتي كرة القدم الأولمبية باريس 2024.

وقال ليتكسييه في حديث خصّ به Inside FIFA "شعرت بفخر كبير عندما عرفت أنني ضِمن الحكام الذين تم استدعاؤهم للمشاركة في بطولة باريس 2024 هذا الصيف. "لقد حلمتُ دائماً بأن أعيش هذه التجربة بنفسي، وشاءت الأقدار أن تتاح لي هذه الفرصة في الألعاب التي يستضيفها بلدي هذا العام. إنني أعتبر الألعاب الأولمبية حدثاً عالمياً تُترك فيه الخلافات جانباً باسم الرياضة وقيمها السلمية العالمية. إنه حدث ينطوي على تحديات تدفع الرياضي إلى بذل قصارى جهده مما يخلق لحظات فريدة تساعد في تشكُّل أحلام طفولتنا."

شئنا أم أبينا، فإن أداء الرياضيين في هذا المستوى من المنافسة متجذِّر في ذاكرتنا أكثر من قرارات الحكام. ذلك أن ليتكسييه لن يتنافس في هذه الألعاب على أي من الميداليات الذهبية، التي تُعتبر أعلى وسام شرف لأي رياضي. وإذا كان الحَكم الفرنسي لا يبدو منزعجاً حيال ذلك، فإنه يعتبر التحكيم رياضة قائمة بحدّ ذاتها "حيث توجد منافسة صحية" بين الحُكام، بل وينطوي على "تحدي النفس أولاً وقبل كل شيء."

وتابع ليتكسييه في هذا الصدد "بالنسبة للحَكَم، فإن المشاركة في النهائي ستكون بمثابة ميدالية ذهبية أولمبية لأنها آخر مباراة في المسابقة. من الطبيعي أن تضع لنفسك أهدافاً عند خوض مغامرة مثل الألعاب الأولمبية، إذ يتم تحديد هذه الأهداف حسب كل مباراة على حدة."

يمتهن ليتكسييه المحاماة، لكنه يميل إلى التحكيم منذ سن صغيرة، حيث عاش أول تجربة بالصافرة فوق المستطيل الأخضر وهو بعمر الرابعة عشرة. ويستحضر الفرنسي تلك الذكريات بالقول: "يُمثل التحكيم طريقة رائعة للتعرف على الحياة واكتشاف خباياها، وأنا أحث جميع عشاق كرة القدم الشباب على خوض التجربة، فقط بدافع معرفة ما إذا كانوا سيحبونها."

وأضاف "عندما بدأتُ التحكيم لأول مرة، بدا لي بلوغ مستوى النخبة أمراً بعيد المنال للغاية، لدرجة أنني لم أكن أحلم به أصلاً. لكني وضعتُ نصب عيني الوصول إلى قمة الهرم التحكيمي بفضل بعض الأشخاص الذين لهم مكانة كبيرة في حياتي والذين كانوا سنداً دائماً لي، حيث ساعدوني على الحلم والإيمان بطموحاتي. آمل ألا أتوقف أبداً عن الحلم!"

خلال عام 2016، أصبح ليتكسييه أصغر حكم يدير مباراة في دوري الدرجة الأولى الفرنسي، ليرتقي تدريجياً في سماء التحكيم، حيث أصبح مشهوداً له بالكفاءة في فرنسا وعلى الساحة الأوروبية على حد سواء، ليتذوق طعم المشاركة في منافسات كرة القدم العالمية خلال كأس العالم تحت 20 سنة الأرجنتين 2023 FIFA™، وها هو الآن يتأهب لخوض التجربة في الألعاب الأولمبية هذا الصيف، عن عمر لا يتجاوز 35 ربيعاً. لكن ليتكسييه يُدرك أن الطريق لن يكون مفروشاً بالورود، إذ يعرف حق المعرفة أن "الأمور ليست سهلة دائماً، بل وإنها تصبح صعبة في بعض الأحيان"، مضيفاً أن "اللحظات العصيبة تكون بمثابة الهزائم" بالنسبة للحُكام، "سواء تعلق الأمر بقرارات غير صحيحة وتؤثر سلباً على نتيجة مباراة من المباريات، أو لأننا لم نكن في مستوى تطلعاتنا."

ومهما يكن، فإنه يُفضل التركيز على "اللحظات الحاسمة التي تشكّل جزءاً لا يتجزأ من المباريات؛ تلك اللحظات التي تسبق المباراة، عندما نجتمع كفريق واحد ونتبادل عبارات الدعم والمؤازرة والوحدة فيما بيننا، ونخلق حس العمل الجماعي؛ وتلك اللحظات التي تلي نهاية المباراة، عندما تشعر أنك قمت بواجبك وأديتك مهمتك ويمكنك الاحتفال بما يبدو وكأنه انتصار للفريق." ومن هذا المنطلق، اختارت لجنة FIFA للتحكيم فرانسوا ليتكسييه ليتولى إدارة مباريات بطولتي كرة القدم الأولمبية في باريس 2024.